الزواج المبكر في موريتانيا.. البركان الاجتماعي الصامت؟!
الخميس, 17 أبريل 2014 13:19

تنتشر ظاهرة الزواج المبكر في موريتانيا انتشار النار في الهشيم ويمكن تعريفه بأنه الزواج بفتاة لم تبلغ سن الثامنة عشرة . هذه الظاهرة السيئة لا تزال تحتفظ بمن يناصرها في الوسط الاجتماعي التقليدي. كغيرها من الظواهر التي تبقى الفتيات الموريتانيات عرضة لها وهن في مقتبل أعمارهن

. حيث تنتشر على نطاق واسع رغم حملات التوعية الصحية والاجتماعية بخطورتها وسلبياتها على الفتيات، مثل “التسمين” والختان ولا شك أن الدواعي لهذه الظاهرة تقتصر على سببين أثنين سنحاول من خلال مختصين اجتماعيين ونفسيين أن نتعرف على أسباب ودواعي الزواج المبكر لدى المجتمع الموريتاني. يرى الباحثون الاجتماعيون المطلعون على الساحة الاجتماعية أن للزواج المبكر عدة أسباب وتتركز في عاملين أساسين. الأول الفقر: حيث يظل الفقر عاملا أساسيا في تحديد مصير الفتاة ، إذ كثيرا ما تلجأ الأسر الفقيرة إلى تزويج فتياتها عند أول عرض مربح وذلك على حساب سن الضحية “الفتاة”،وأن أعباء القوامة على البنت تزداد مع كبر سنها،ناهيك عن صعوبة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية خاصة وكثرة متطلبات رعاية البنت خاصة في المدينة. وهنالك حماية الشرف حيث تعتقد الكثير من الأسر الموريتانية أن تزويج الفتاة في سن صغيرة هو أفضل حماية لشرفها وبالتالي شرف العائلة. وأخيرا ومع استفحال ظاهرة الإجرام أصبح تزويج البنت المغتصبة تسترا على شرف العائلة وخوفا من الفضيحة أحد الأسباب خاصة بالمدن. و في استطلاع لبعض المهتمين في المجال الاجتماعي، يؤكد أن 15 %من الفتيات الموريتانيات دون سن الخامسة عشرة متزوجات، كما يؤكد هذا الاستطلاع في ظاهرة الزواج المبكر على أنه من أهم أسباب الزواج القاصرات في موريتانيا الرغبة في مساعدة العائلات ماديا، ما يوضح دور العامل الاقتصادي في تحديد تلك النسب: فهي حوالي 27 % لدى الأغنياء وترتفع لتصل الى 43.9 في% في البيئات الفقيرة. أما بخصوص العامل الثاني وهو “عدم التمدرس”: حيث يلعب المستوى العلمي أيضا دورا بارزا في ظاهرة الزواج المبكر، فلا تتزوج إلا 19.9 % من الفتيات اللواتي وصلن الى المرحلة الثانوية قبل الـ18 سنة، بينما تصل النسبة عند غير المتمدرسات أو اللواتي حصّلن على مستوى متدن من التعليم الى 46 %. هذا ويرجع بعض الباحثين الاجتماعين نسبة ارتفاع الزواج المبكر للسياسة التربوية التي تتبعها الأسرة في حضانتها للفتيات ففي بعض الأحيان يضطر الأولياء لتزويج البنت بعد بلوغها مباشرة خوفا من تعرضها للاغتصاب والعار تماشيا مع إملاءات المجتمع التقليدي المحافظ. وبخصوص المعطيات التي توصل إليها وزارة الشؤون الاجتماعية، فإن نسبة 24% من النساء الموريتانيات يتزوجن في سن مبكرة، وأن حوالي 51 % منهن تزوجن قبل بلوغ 20 سنة، وأضافت الوزارة في دراسة أعدتها أن الموريتانيين يختلفون في وجهات نظرهم حول تعريف الزواج المبكر، إذ أن نسبة كبيرة منهم تعتبر أن الزواج المبكر هو ما يتم قبل بلوغ المرأة 15 عاما، أما ما بعد ذلك فلا هو زواج مبكر، بينما تعتبر نسبة 13 %في منهم، أن كل زواج يتم قبل بلوغ سن الأهلية القانونية وهي 18 عاما يعتبرونه زواجا مبكرا. وبخصوص الأبعاد النفسية والصحية يقول باحثون اجتماعيون إن الزواج المبكر للبنت تسبب في الكثير من المشاكل فهي صغيرة ولا تعي بحكم سنها قيمة الحياة الزوجية ولا تعرف حقوقها وواجباتها ناهيك عن أن عقلها لم يكتمل وكذا نمو جسمها،مما يجعلها تتصرف كالطفل في الوقت الذي يطالبها الزوج بضرورة تصرف المرأة البالغة وهو أمر مستحيل. كمايتسبب تزويج البنت مبكرا في سهولة تهرب الزوج من الكثير من حقوقها مستغلا فرصة “شرائها” من أهلها لابتزازهم وللضغط عليها أكثر وتكون قوة الضغط والتهرب من الحقوق أكبر إذا كانت حاملا أو كانت مغتصبة،وقد يدفع التزويج لقاصر بمن يفوقها بعقود إلى وقوع مآسي كما حدث مع طفلة بعمر14 سنة لزوج بعمر85عاما دست له سم الفار في طعامه لتتخلص منه. كما قد يكون الطلاق من مثل هذا الزواج وسيلة سهلة لانحراف الطفلة بعد الطلاق إذا لم تجد من يوفر لها الرعاية اللازمة. وهنالك مخاطر متعددة على الطفلة التي تزوج مبكرا من النواحي الصحية والاجتماعية والنفسية فمن المخاطر الصحية أنها إذا حملت في فترة مبكرة فإنها لا تتم حملها بمدته الكاملة لأن جسمها لم يكتمل نموه بعد وأنها قد تتعرض للإجهاض المتكرر .وقد تتعرض الفتاة إلى فقر الدم وخاصة خلال فترة الحمل.وقد تزداد نسبة الوفيات بين الأمهات الصغيرات عن الأمهات اللواتي تزيد أعمارهن عن العشرين عاماً بسبب الحمل. كما قد تزداد وفيات أطفال الأمهات الصغيرات بنسبة أكبر من الأمهات الأكبر سناً وذلك لقلة الدراية والوعي بالتربية والتغذية. كما توجد مخاطر اجتماعية ونفسية لأن الفتاة عندما تكون في مرحلة المراهقة لا تستطيع أن تبدي رأيها في أمور حياتها . ومن المعاناة النفسية لزواج البنت مبكرا شعورها بانها بضاعة تباع وتشترى وعدم احترام فارق العمر بينها والزوج (الفارق المقبول لايجب ان يتعدى10 سنوات) وهنا يصعب التفاهم بسبب اخنلاف رؤية الحياة حيث ان الدراسات الاجتماعية والنفسية تؤكد ان فرق اكثر من 10 سنوات يجعل كلا منهما يعيش متأخرا جيلا عن الآخر وبالتالي يستحيل التفاهم والانسجام النفسي بينهما. ايضا من المعاناة النفسية هو الحمل والرضاعة مبكرا وشعور البنت الصغيرة بالنقمة على اهلها وزوجها لسلبها طفولتها،كما ان تزويج البنت وهي صغيرة يحرمها من التعليم الذي هو الطريق الصحيح للتفاهم وبناء اسرة سليمة. وخلاصة القول هي ان الزواج المبكر هو “بركان اجتماعي صامت” في موريتانيا وعلى المجتمع والدولة التصدى له قبل ان يثور ويأتي على الخضر واليابس!