صدقة البحر.. باب رزق لعشرات النسوة في موريتانيا
الأربعاء, 08 أبريل 2015 23:20

 

صيادون تقليديون على شواطئ نواذيبو - Patrick-Galibertعلى شاطئ الصيادين التقليدين بمدينة نواذيبو، شمالي موريتانيا، تقف كل صباح عشرات النسوة وهن ينتظرن مرور البحارة، قد يتوهم البعض أنهن جئن لتوديع أو استقبال البحارة، فيما جاء بهن الفقر والحاجة بحثاً عن "صدقة البحر".

قليلون من سمعوا عن "صدقة البحر" خارج مدينة نواذيبو، ولكن في هذه المدينة لا حدود لخيرات البحر الذي ألف الإنسان وألفه، وفق ما يؤكده نسوة الشاطئ.

ديده منت اسويلم، سيدة دخلت في عقدها السادس، تعيل أطفالها الأيتام من عائدات ما يعرف بصدقة البحر؛ فمع بزوغ شمس كل صباح تتوجه إلى شاطئ الصيادين التقليدين، تحدق بتؤدة نحو مناطق الصيد وهي تنتظر عودة زورق تقليدي علّ قبطانه أو أحد صياديه يقدم لها صدقته.

تقول ديدي: "ما تجود به ايادي الصيادين هو ما يمكنني من إعالة أطفالي وأحفادي، فأنا أتكفل بإعالتهم وحدي"؛ وتضيف: "مرة أحصل على كمية لا بأس بها من السمك، ومرة تكون أقل، ولكنني أبيع هذا السمك للحصول على بعض النقود".

ليست ديده هي السيدة الوحيدة التي تترقب على الشاطئ صباح كل يوم، فعشرات النسوة يتجمهرن قرب موانئ رسو السفن والزوارق بحثا عن صدقة البحر التي أصبحت تقليداً لدى أغلب الصيادين التقليديين.

مريم التي تجاوزت عقدها الرابع، تقف هي الأخرى في انتظار الحصول على نصيبها من "صدقة البحر"، ولكن تجربتها ذات نكهة خاصة حيث تؤكد أنها "جاءت إلى نواذيبو قادمة من مدينة النعمة في أقصى الشرق الموريتاني".

وتقول مريم: "بعد وصولي هنا تخلى عني زوجي وتركني أعيل أطفالي الأربعة، من دون أن يكون لدي أي مصدر للدخل، فتوجهت إلى الشاطئ الذي أصبح مصدر رزقي الوحيد، فإذا توقف البحر أغلق عني باب كبير من أبواب الرزق".

مئات الصيادين التقليديين ينشطون في ميناء الصيد التقليدي بمدينة نواذيبو، تعودوا بشكل يومي على إخراج "صدقة البحر"، ذلك ما يؤكده إبراهيم وهو قبطان واحد من زوارق الصيد التقليدية.

يقول إبراهيم: "لقد تعودنا على إخراج صدقة البحر مع نهاية كل رحلة صيد، إنها للتفاؤل بوفرة الحظ والنجاة من الحوادث في الرحلات المقبلة، كما أنها تطهير لأموالنا".

وأضاف إبراهيم وهو يعلق على النسوة المستفيدات من الصدقة: "أوضاعهن لا تخفي الفقر والحاجة، لأن أغلبهن مطلقات أو أرامل لديهن أطفال يتولين رعايتهن، وبالتالي هذه الصدقة هي أيضاً مصدر رزق لنسوة في أمس الحاجة إليها".

حالة من الهرج تحدث عندما يخرج من الميناء فريق من الصيادين، خاصة عندما يشرعون في توزيع صدقات البحر على النسوة، يقول أحد الصيادين بعد أن أخرج صدقته: "البحار معروف بالكرم والسخاء، إنها صفة تعلمها من البحر".

وأضاف البحار الذي لم يتجاوز عقده الثالث: "نحن كبحارة نواجه الكثير من المخاطر وبالتالي عندما نعود ندرك قيمة ما بأيدينا ونعرف معنى أن تكون لا تملك شيئاً، وهؤلاء النسوة هم من أفقر سكان هذه المدينة".