هجرة الشباب الموريتاني إلى الخارج..الأسباب و التداعيات
الخميس, 19 يناير 2023 00:53

altفي موريتانيا لا صوت يعلوا على أخبار و قصص المهاجرين  الموريتانيين إلى أمريكا ، حيث شهدت هذه المظاهرة الاجتماعية و الاقتصادية  تزايدا مضطردا كما و نوعا  خلال السنتين  الماضيتين و كان الأمر في السابق يقتصر على فيئه الشباب من الطبقة الفقيرة و العاطلين عن العمل و لكنه الآن يشمل فيئات أخرى مثل الموثقفين و الأطباء و المهندسين و غيرهم من الكفاءات العلمية .

إن أتساع حجم هذه الظاهرة في موريتانيا مؤخرا كان سببا في أنتقادات  حول أدائي الحكومة من سيايين و حقوقيين و صحفيين و فيئات عريضة من المجتمع المدني، و وضعت النظام القائم في وضعا حرج كونه لم يتمكن من السيطرة على الموقف لوقف نزيف المهاجرين من موريتانيا إلى أمريكا الذي بلغ حسب بعض التقديرات 4 آلاف  سنة 2021 و الأمر فزدياد مضطرد مما يستدعي وضع خطط اقتصادية و اجتماعية فعالة و خلق فرص عمل للشباب في دولة غنية بالموارد المتنوعة و لاينقصها سوى الحكامة الرشيدة لإنقاذ البلاد من التدهور الحاصل بسبب سوء التسيير و التراكمات الممتدة لأربعين سنة من فشل الخطط الاقتصادية و سوء التسيير . كما أن من أسباب تدفق المهاجرين المورتانيين حسب بعض  متابعي هذا الموضوع هو  تشدد  القنصلية الأمريكية  في نواكشوط لمنح التأشيرات للمتقدمين إليها و هو تشدد يعزيه الدبلوماسيون الأمريكيون في عدم تأكدهم من نوايا طالبي التأشيرة الأمريكية  للعودة إلى موريتانيا  و كذالك تقلص  عدد التأشيرات الأمريكية الممنوحة للموريتانيين إلى أدناء حد في السنوات الماضية و أقتصر الحصول على التأشيرات  في الغالب  على السفيريات و المأموريات الرسمية و التجارية . أما مسارات و طرق المهاجرين الموريتانيين إلى الأراضي الأمريكية فهي تسلك مسارات و طرق غريبة و متنوعة حيث تبدأ عادة بالتوجه إلى البرازيل و تتولى شبكات متخصصة إستقبال القادمين الجدد و ترحيلهم عبر طرق خاصة و أحيانا و عره و خطرة، يمر خلالها المهاجرون بأصعب المحطات و التي تتم بالتنسيق مع عصابات التهريب و السمسرة النشطة و قد ينتظر المهاجرون أسابيع لأكتمال العدد الكافي الذي يمكن الشبكة إعتماد على ما سيدفعه المغامرون من تسيير مربح للرحلة التي يمرون خلالها بعدة دول تسللا بين بوليفيا و كواتيمالا و بانما مستخدمين شتى وسائل النقل  من حافلات و زوارق  و  في مقاطع كثيرة يسافرون سيرا على الأقدام لتفادي الحواجز الأمنية كما أنهم يضطرون أحيانا أخرى للتخفي و التمويه للوصول إلى المكسيك  حيث يقترب المهاجر من تحقيق حلمه  . أما الشبان ميسري الحال فيختزلون المسار بالسفر جوا  إلى أوروبا و من ثم دخول المكسيك عبر المطار متفادين بذالك تعقيدات كثيرة مختزلين المسافة بشكل أفضل و أقل خطورة بكثير و بعكس المهاجرين الفقراء يمر المهاجرون ميسوري الحال بظروف أفضل  أبتداء  بالتواصل مع ذويهم و حصولهم على كل ما يحتاجونه كما يحظون بظروف استقبال أفضل داخل الأراضي الأمريكية من معارفهم و أقربائهم و يساهم المهاجرون الموريتانيون إلى الخارج  بتحويلات مالية تقدر بعشرات المليارات من الأوقية  سنويا  و يساهمون  في تطوير الاقتصاد الوطني و إعالة آلاف الأسرة الفقيرة مما يخفف من وطأة الأحوال السيئة للطبقة المحتاجة التي هم من يعيلها في الغالب  . و قد شهدت هجرة الشباب الموريتاني خلال العقود الماضية أنماط متعددة إلا أن موجة الهجرة الجماعية الحالية هي الأكبر و الأخطر في تاريخ موريتانيا بسبب إنتشار الفقر و البطال و سوء التسيير و فشل الخطط التنموية و عدم تكافؤ الفرص بين الموريتانيين و تمثل نسبة الشباب 75 %  من السكان البالغ عددهم 4 ملايين نسمة فما تبلغ نسبة العاطلين عن العمل 30%  حسب بعض التقديرات و عادة  يطلب أغلب المهاجرين اللجوء السياسي في الولايات المتحد الأمريكية و أوروبا عن طريق أصطياد النقاط السوداء لملف الحكومة الموريتانية في مجال حقوق الإنسان لتبرير اللجوء للبلد المضيف  و الحصول على الإقامة الشرعية فيه مما يزيد حجم المشاكل الخارجية للسلطات الموريتانية المتهمة أحيانا بتضيق  هامش الحريات الفردية و الجماعية وقمع المعارضين أحيانا أخرى . و في انتظار تحسن الأوضاع العامة للبلد و التسيير الأمثل لمقدراته الاقتصادية، و تظل الهجرة الحل  الوحيد للعاطلين عن العمل و المظلمون و  المهمشين  للخروج من دوامة الفقر و البؤس و البطالة لآلاف الشباب الموريتانيين  فما أصعب العيش لولا فسحة الأمل .

                                                                    محمد عبد الرحمان /  صحفي استقصائي                                                                           وكالة الإتحاد الإعلامية Â